(تذكرة ودعوة)
من الدوافع والمحركات التي تدفع الإنسان إلى العمل-ولو تكاثرت الأعمال عليه- أن
يقارن بين حالتين (الإجهاد في العمل، و الفساد في الفراغ) ولن يخلو المرء من الحالتين.
ومن الحكم في هذا الباب: "عملٌ يجهد خيرٌ من فراغٍ يفسد"
فلو قارنت بين مشقتين أنت لا شك تحصَّل إحداهما، فمشقة الفراغ أشد وأكبر، وأبلغ خطرًا من مشقة تزاحم الأعمال عليك.
لأن الفراغ مفسد وكما قيل: (العقل الفارغ هو ورشه عمل الشيطان!).
فكيف إذا كان الإجهاد في (باب العلم والتعليم) ورجاء الثواب من وراء ذلك، وتخليد الذكر، وتوريث العلم النافع.. إلخ.
وقد كتب الإمام أبو محمد بن حزم -رحمه الله تعالى- عبارة تطرب لها النفوس، وتستمتع بها العقول حيث يقول: (لو لم يكن من فائدة الْعِلْم والاشتغال به إلا أنه يقطع المشتغل به عن الوساوس المضنية ومطارح الآمال التي لا تفيد غير الهم وكفاية الأفكار المؤلمة للنفس لكان ذلك أعظم داع إليه فكيف وله من الفضائل ما يطول ذكره!)الأخلاق والسير في مداواة النفوس، لابن حزم (ص: 63).
وبما أن طبيعة النفس البشرية أنها تفتر وتخلد إلى الراحة والدعة، فتحتاج إلى تذكير وتشجيع ونظر إلى العواقب.
وكما قال ابن الجوزي-رحمه الله - : (تَلمَّحْ فَجْرَ الأجرِ يَهُنْ ظلامُ التَّكليفِ) المدهش، (ص: 295)
وأما التذكير فذلك من باب (التواصي على الحق)، كما قال تعالى:{وَتَوَاصَوْاْ بالحق وَتَوَاصَوْاْ بالصبر}[العصر: 3]
ومن نفيس ما علق على هذه الآية، إمام الدعاة (الشيخ الشعراوي) رحمة الله عليه، بقوله: {وَتَوَاصَوْاْ} لا يعني أن قوما خُصوا بأنهم يُوصون غيرهم وقوما آخرين يُوصيهم غيرهُم، بل كل واحد منا موصٍ في وقت؛ وموصىً من غيره في وقت آخر، هذا هو معنى {وَتَوَاصَوْاْ}.
فإذا رأيت في غيرك ضعفاً في أي ناحية من نواحي أحكام الله، فلك أن توصيه. وكذلك إن رأى غيرُك فيك ضعفا في أي ناحية من النواحي فله أن يوصيك، وعندما نتواصى جميعاً لا يبقى لمؤمن بيننا خطأ ظاهر..تفسير الشعراوي (2/ 1010)
و لنستعن بالله عز وجل، ونردد دائمًا: (اللهم إني أعوذ بك من العجز، والكسل)
قال ابن القيم رحمه الله :"الإنسان مندوب إلى استعاذته بالله تعالى من العجز والكسل ، فالعجز عدم القدرة على الحيلة النافعة ، والكسل عدم الإرادة لفعلها ، فالعاجز لا يستطيع الحيلة ، والكـسلان لا يريدها" إعلام الموقعين، لابن القيم،(3/336) .
وعلى الإنسان أن يستحضر الثمرة، وأن ينظر في العاقبة، وأن يترك أثرًا حميدًا يذكر به ويكون له:(لسان صدق في الآخرين)
وَكُن رَجُلاً إِن أَتَوا بَعدَهُ... يَقولونَ مَرَّ وَهَذا الأَثَر.
من هنا أدعوكم جميعًا لعمل دورة علمية في الموضوعات التالية :
1- تفكيك الفكر المتطرف الآليات وسبل المواجهة
2- معالم المنهج الأزهري في الإعداد والتكوين
3- خريطة العلوم الإسلامية (الاتصال والانفصال)
4- المواسم الإسلامية بين حفاوة الاستقبال وحسن الاستثمار.
الحياة رحلة سفر، فليكن رحيلك بزاد تسر برؤيته: (يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ) (الإنشقاق:6)
ولله در القائل:
مسافرٌ أنت والآثارُ باقيةٌ ...فاترك وراءك ما تُحيي به أثرَك
فتح الله عليكم
ردحذف