تحويل القبلة ووسطية الأمة الإسلامية
الدكتور/محمد حسني عمران
حادث
تحويل القبلة من الأحداث العظيمة التي لها مكانتها في تاريخ الأمة الإسلامية،
ومحاور الحديث عنها كثيرة، يصعب على الإنسان أن يجمعها في مقام واحد، وأغلب أحداث
السيرة كذلك، (كلما ازددت فيها نظرًا زادتك فكرًا).
.
فمعاني هذه الأحداث التي أثرت في الأمة الاسلامية لا تقف عند حد. لذا أقف مع الآيات
التي تحدثت عن هذا الحدث العظيم. وأقف مع بعض الأمور منها كخطوط أستمد منها مضامين
الكلمة. الله عز وجل عندما حدثنا عن هذا الحدث أهَّل نفوس الصحابة والنبي صلى الله
عليه وسلم أن يتقبلوا قول القائلين فيه.
قال
تعالى: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ
الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ
يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (البقرة: 142)
فجاء
الجواب الإلهي. يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. والسفهاء جمع سفيه. والسفيه هو خفيف
العقل والدين.
يقول
الخازن: (ولما قال السفهاء ذلك رد الله تعالى عليهم بقوله: قُلْ يا محمد لِلَّهِ
الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يعني أن له قطري المشرق والمغرب وما بينهما ملكا فلا
يستحق شيء أن يكون لذاته قبلة لأن الجهات كلها شيء واحد، وإنما تصير قبلة لأن الله
تعالى هو الذي جعلها قبلة فلا اعتراض عليه وهو قوله: يَهْدِي مَنْ يَشاءُ يعني من
عباده إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يعني إلى جهة الكعبة وهي قبلة إبراهيم عليه السلام([1]).
وكما قال المفسرون المقصود بالسفهاء هنا( هم
المشركون) مشركو مكة. وقيل المنافقون وقيل اليهود وقيل جميع هؤلاء.
جميع
هؤلاء هم الذين عابوا على أن يتحول النبي صلى الله عليه وسلم من بيت المقدس ببلاد
الشام الى الكعبة في مكة فالله عز وجل أعلمه أن الكون كونه والعباد عباده وأن الأمر
أمره.
والدروس
المستفادة من ذلك كثيرة منها على سبيل المثال:
1- بيان مكانة النبي – صلى الله عليه وسلم-
فقد بين خلال هذا التحويل مكانة النبي صلى الله
عليه وسلم وقدره عنده.
حيث
استجاب له ربه بما كانت تهفو إليه نفسه، قال تعالى: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ
فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ
وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ
رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)
وجاء
في الأحاديث ان النبي صلى الله عليه وسلم توجه الى ستة عشر شهرا وقيل سبعة عشر
شهرا وقيل تسعة عشر شهرا وقيل بضعة عشر شهرا إلى بيت المقدس ثم جاء الأمر الإلهي أن
يتحول إلى الكعبة في مكة المكرمة.
رَوَى
الْأَئِمَّةُ وَاللَّفْظُ لِمَالِكٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَيْنَمَا النَّاسُ
بِقُبَاءٍ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ،
وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ
وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ. وَخَرَّجَ
الْبُخَارِيُّ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ
عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ،
وَإِنَّهُ صَلَّى أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا الْعَصْرَ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ،
فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ: أَشْهَدُ
بِاللَّهِ، لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ. وَكَانَ الَّذِي مَاتَ
عَلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ قِبَلَ الْبَيْتِ رِجَالٌ قُتِلُوا لَمْ
نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:" وَما كانَ
اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ"، فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ صَلَاةُ
الْعَصْرِ، وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ صَلَاةُ الصُّبْحِ. وَقِيلَ: نَزَلَ ذَلِكَ
عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِ بَنِي سَلِمَةَ
وَهُوَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا فَتَحَوَّلَ في الصلاة،
فسمي ذلك الْمَسْجِدُ مَسْجِدُ الْقِبْلَتَيْنِ([2]).
فالمسلمون
استسلموا لأمر الله وشرعه، واليهود والمشركون والمنافقون جعلوا من هذا الأمر سخرية
واستهزاء بشرع الله عز وجل واعتراضًا عليه، وطعنًا في نبيه صلى الله عليه وسلم.
2- محنة واختبارًا
فكان
الأمر محنة واختبارًا للتمييز بين الفريقين. يقول ابن القيم – رحمه الله تعالى-: وَكَانَ لِلَّهِ فِي
جَعْلِ الْقِبْلَةِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ تَحْوِيلِهَا إِلَى
الْكَعْبَةِ حِكَمٌ عَظِيمَةٌ، وَمِحْنَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ
وَالْمُنَافِقِينَ.
فَأَمَّا
الْمُسْلِمُونَ فَقَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَقَالُوا: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ
مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7] وَهُمُ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ، وَلَمْ
تَكُنْ كَبِيرَةً عَلَيْهِمْ.
وَأَمَّا
الْمُشْرِكُونَ فَقَالُوا: كَمَا رَجَعَ إِلَى قِبْلَتِنَا، يُوشِكُ أَنْ يَرْجِعَ
إِلَى دِينِنَا، وَمَا رَجَعَ إِلَيْهَا إِلَّا أَنَّهُ الْحَقُّ.
وَأَمَّا
اليهود فَقَالُوا: خَالَفَ قِبْلَةَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ، وَلَوْ كَانَ
نَبِيًّا لَكَانَ يُصَلِّي إِلَى قِبْلَةِ الْأَنْبِيَاءِ.
وَأَمَّا
الْمُنَافِقُونَ فَقَالُوا: مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ أَيْنَ يَتَوَجَّهُ، إِنْ
كَانَتِ الْأُولَى حَقًّا فَقَدْ تَرَكَهَا، وَإِنْ كَانَتِ الثَّانِيَةُ هِيَ
الْحَقَّ فَقَدْ كَانَ عَلَى بَاطِلٍ، وَكَثُرَتْ أَقَاوِيلُ السُّفَهَاءِ مِنَ
النَّاسِ، وَكَانَتْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً
إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} [البقرة: 143] وَكَانَتْ مِحْنَةً مِنَ
اللَّهِ امْتَحَنَ بِهَا عِبَادَهُ لِيَرَى مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِنْهُمْ
مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ. ([3]).
3-وسطية الدين والمكان
فالله
عز وجل ذكر خاصية الوسطية للأمة الإسلامية،
في هذا الموقف العظيم -ولعل لهذا مقصد – وجعلها
شارة لها، وسمة من سماتها، وميزة من مميزاتها، .
قال
تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى
النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ
الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ
يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ
هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ
بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (البقرة:143)
فربط خاصية الوسطية للأمة في هذا الحدث العظيم.
حتى لا تزل الأمة عنها، ولا تتنكب الطريق.
ولله در القائل:
لَا
تَذْهَبَنَّ فِي الْأُمُورِ فَرَطًا ... لَا تَسْأَلَنَّ إِنْ سَأَلْتَ شَطَطَا
وَكُنْ
مِنَ النَّاسِ جَمِيعًا وَسَطَا
.
ولله در أبي الحسنين سيدنا علي -رضي الله عنه- حين قال:
نَحنُ
نَؤُمُّ النَمَطَ الأَوسَطا *** لَسنا كَمَن قَصَّرَ أَو أَفرَطا.
والوسطية
تعني: الاعتدال بين أمرين. عدم تجاوز المشروع أو التقصير عنه.
قال
القرطبي:
وَوَسَطُ
الْوَادِي: خَيْرُ مَوْضِعٍ فِيهِ وَأَكْثَرُهُ كَلَأً وَمَاءً. ولما كان الوسط
مجانبا للغلق وَالتَّقْصِيرِ كَانَ مَحْمُودًا، أَيْ هَذِهِ الْأُمَّةُ لَمْ
تُغْلِ غُلُوَّ النَّصَارَى فِي أَنْبِيَائِهِمْ، وَلَا قَصَّرُوا تَقْصِيرَ
الْيَهُودِ فِي أَنْبِيَائِهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ: (خَيْرُ الْأُمُورِ
أَوْسَطُهَا). وَفِيهِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:" عَلَيْكُمْ بِالنَّمَطِ
الْأَوْسَطِ، فَإِلَيْهِ يَنْزِلُ الْعَالِي، وَإِلَيْهِ يَرْتَفِعُ
النَّازِلَ" ([4]).
ويقول
الإمام ابن كثير- رحمه الله تعالى:
وَلَمَّا
جَعَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ وَسَطًا خَصَّها بِأَكْمَلِ الشَّرَائِعِ
وَأَقْوَمِ الْمَنَاهِجِ وَأَوْضَحِ الْمَذَاهِبِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {هُوَ
اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ
إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ
الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [الحج: 78]([5])
والوسطية
سبيل الاسلام وهي منهج الأمة المعتمد.
فجاءت
الأمة الإسلامية وسطا بين الأمم.
في
اعتقادها وتشريعاتها. وتصوراتها وشعورها وتفكيرها وأخلاقها.
الوسطية
في الاعتقاد
لم
تغال في الأنبياء فتوصلهم درجة الألوهية كالنصارى. ولم تجافيهم كاليهود.
الوسطية
في العبادات:
كانت
الأمم المُتقدِّمة لا يصلون إلاَّ في كنائسهم وبِيَعِهم ([6])؛ كما
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله: (وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسَاجِدَ
وَطَهُوراً، أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلاَةُ تَمَسَّحْتُ وَصَلَّيْتُ،
وكَانَ مَنْ قَبْلِي يُعَظِّمُونَ ذَلِكَ، إنَّما كَانُوا يُصَلُّونَ فِي
كَنَائِسِهِمْ وَبِيَعِهِمْ) ([7])
والوسطية
في التشريعات:
قال
القرطبي رحمه الله: (قال علماؤنا: كانت اليهود والمجوس تجتنب الحائض، وكانت
النصارى يُجامعون الحُيَّض، فأمر اللهُ بالقصد بين هذين) ([8])
الوسطية
في كل جوانب الحياة:
لم
يكن عندنا مادية بحتة، ولا روحانية مفرطة.
راعت
الجسد والروح
والفرد
والجماعة
حق
العبد وحق الرب
فوازنت بين كل شيء فكانت وسطًا.
حفاظ
الأزهر على الوسطية منهجًا وتبليغًا
وهذا المنهج الذي يدعو إليه الأزهر الشريف الذي
حمل مواريث الأمة رواية ودراية ورعاية.
رواية
فالعلم فيه بالسند المتصل كابرًا عن كابر، وتواصلت سلسلة السند في العلوم حتى يوم
الناس هذا.
ودراية
فالفهم لما تحمله الرسالة
ورعاية:
العمل بالعلم فهي الثمرة له.
فنسأل
الله الإعانة على العمل بما نقول وألا نمتحن به.
فالأزهر
الشريف الذي حمل هذه المواريث عمل على أن يحفظ للأمة منهجها الوسطي وليبلغه كما
بلغه الأنبياء.
فلم
يضيقوا على هذه الأمة لأنهم (أوتوا علومًا وفهومًا) وليسوا كأقوام أوتوا علومًا
ولم يؤتوا فهومًا.
ولم
يشددوا على الناس لأن رسالتهم (الحنيفية السمحة)
وهذا
لسعة باعهم في العلوم، وحسن استنباطهم منها.
يقول سيدنا سفيان الثوري: (إنما العلم عندنا
الرخصة من ثقة وأما التشديد فيحسنه كل أحد).
فكلما
امتلأ الإنسان علمًا، كلما ازداد من الوسطية وقرب من الاعتدال، وبقدر نقصه من
العلم، بقدر بعده من الوسطية وميله إلى التشديد والغلو المنهي عنه.
ولله
در القائل:
إنما
الضيق من ضيق الباع... في الفهم والاطلاع
فبلغوا
رسالة الإسلام بما تحمله من قيم جمالية (الرحمة والسماحة واليسر والعدل والمصلحة)
يقول
ابن القيم – رحمه الله -:(فإن الشريعة مَبْنَاها وأساسَهَا على الحِكم ومصالح
العباد في المعاش والمعاد، وهي عَدْلٌ كلُّها، ورحمةٌ كلها، ومصالحُ كلها، وحكمةٌ
كلها؛ فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجَوْر، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى
المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث؛ فليست من الشريعة وإن أُدخلت فيها بالتأويل؛
فالشريعة عَدْل اللَّه بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة
عليه وعلى صدق رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- أتَمَّ دلالةٍ وأصدَقَها، وهي نوره
الذي به أبصر المبصرون، وهُدَاه الذي به اهتدى المهتدون، وشفاؤه التام الذي به
دواء كل عليل، وطريقُه المستقيم الذي من استقام عليه فقد استقام على سواء السبيل؛
فهي قرّة العيون، وحياة القلوب، ولذة الأرواح؛ فهي بها الحياة والغذاء والدواء
والنور والشفاء والعصمة، وكل خيرٍ في الوجود فإنما هو مستفاد منها، وحاصل بها، وكل
نقص في الوجود فسببه من إضاعتها، ولولا رسومٌ قد بقيت لخَرِبَت الدنيا وطِوِيَ
العالم، وهي العصمة للناس وقوام العالم، وبها يمسك اللَّه السموات والأرض أن
تزولا"([9]).
فنحن
نبلغ الناس: رسالة العدل
رسالة
المصلحة
رسالة
الرحمة
رسالة
الحياة
رسالة
الجمال
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق